.

.

Friday, March 28, 2014

مأسويات


أظن ان إبقاء أفواهنا مغلقة مع اعتدال رؤوسنا، هو ما يمنع أرواحنا من الرحيل. فلنختبر هذا، أرفعوا رؤسكم لأعلى، لأعلى أكثر، ودعوا الفك الأسفل يستجيب للجاذبية، وحلقوا!

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

رأيت نفسي بتنورة في لون القهوة الممزوجة بالحليب وبدون حجاب، منذ قراري الأخير بخلعه، أصبحت كل أحلامي بدونه، وكأن عقلي الباطن يحتفل.
استلقيت أرضا فوق عشب أخضر، بدا لي كحديقة واسعة. وعندما رأيت قمم الأشجار، تخيلت إنها غابة صغيرة.
كان وجهي للسماء، سعيدة، إني حققت إحدى الأمنيات المستحيلة في شوارع القاهرة. وكانت السحب قليلة ومفرغة بعشوائية، وكانت هشة مثل جليد الأفلام الأجنبية.
مثل عمود فقري طويل، وعظامه متشعبة برقة وتحده قمم الأشجار من الجانبين وتحجب الرؤية. أغمضت عيني وكأنني أقبض على المشهد بأهدابي. فسمعت صوت جهوري يعلن "إنها تمطر!". قلت في نفسي إنه بالطبع ابن هبلة، وأن لا يمكن لعمود فقري هش مرسوم في السماء أن يمطر!
ولكنني تلقيت قطرة ماء فوق عيني، بالتحديد أسفل حاجبي الأيسر. ثم تبعتها قطرات كثيفة كبيرة، تستطيع أن تصنع دائرة قطرها سم فوق ملابسي.
استسلمت تماما لحبات المطر، وعندما توقفت، رأيت عمود فقري مرسوم بعناية بدوائر كبيرة فوق تنورتي!

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أردت البكاء الليلة ولكنني لم أجد سببا لهذا. أعرف أن الموت بسيط، فقط عليك أن تفغر فاهك وتدع روحك، فتنزلق خفيفة كفقاعة صابون.
ولكن لايزال هناك متسع من الوقت لكي أعد الغداء لعالية. أخبرتها بذلك فنظرت لي ممتنة. نعم، عالية، إنها سببا كافيا لإثارة دموعي في هذه الليللة!
فالأمر المثير للشجن إني انتهيت بالفعل من إعداد غداء اليوم، بينما لا أرى الغد يلوح في الأفق.

Wednesday, March 19, 2014

قذرة حتى تنزف!

تعكس مسميات "تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية" أو ما يُسمى بعملية الختان في بعض الدول الأفريقية ثقافة الشعوب فيما يخص المرأة وعفتها. فيتم إطلاق إسم الطهارة على عملية الختان في مصر بينما تُسمى في السودان بالطُهر. ويطلق عليها في اللغة البامبرية بمالي غسيل الأيدي، وفي اللغة الإيجبو بنيجيريا المضي نحو القدر، أما في الصومال فيُعرف ذلك الإجراء بالخياطة.
وتمتد الجذور العميقة لتقليد الختان في أكثر من 28 دولة أفريقية وعدد قليل من الدول الآسيوية. وقدرت منظمة الصحة العالمية أن هناك ما يقرب من 100 إلى 140 مليون امرأة خضعن لهذه التجربة، وفقا لدراسة أُجريت في عام 2010. وحسب دراسة أجرتها جامعة هولير العراقية فأن السيدات ينظرن للختان إنه جزء أساسي من الثقافة الكردية. كما إنهن لايزلن يؤمنن أن ممارسة الختان ضرورية لتجنب الحرج الثقافي أو وصمة العار وللحفاظ على وضع جيد في المجتمع. ويعد ذلك أحد أهم الأسباب لممارسة ختان الإناث في العديد من الدول والثقافات. حيث أظهرت بعض الدراسات أن التقاليد الإجتماعية والثقافية هي الأسباب الرئيسية.  كما اقترحت أحد الدراسات أن العامل الرئيسي لإستمرار هذه الممارسات هو العادات والتقاليد الموروثة في الأسرة من الأمهات إلى الفتيات.
ووفقا لهذه الدراسة، فإن الختان منتشر في أقليم كردستان العراقي بنسبة 40% وتقل النسبة في المناطق الحدودية مع تركيا، بينما قد تصل في بعض المناطق الريفية إلى 70%.
وننتقل إلى دولة الصومال. لقد قدرت منظمة الصحة العالمية أن 98% من السيدات الصوماليات تم ختانهن في عام 2006. منهن 90% تعرضن لختان فرعوني. ولا يزال النظام القضائي الصومال يهمل تلك القضية، ومع ذلك برزت في السياسة الجنسانية الوطنية لعام 2009 – 2012 باعتبارها واحدة من أعنف الممارسات ضد الفتيات والسيدات.
في عام 2006 تم تأسيس منظمة "نفيس*" بواسطة 23 منظمة من المنظمات الغير حكومية في الصومال، وتهدف إلى مكافحة تشويه الأعضاء الأنثوية من خلال تقديم خدمات لأعضاءها مثل التعليم والإمداد بالمعلومات حول هذا الإجراء وتعزيز السيدات وكسب تأيدهن. وحسب دراسة سويدية أُجريت عام 2013، فإن بعد فترة من نشاط هذه المنظمة إرتفعت نسبة الوعي لدى المرأة الصومالية فتقول أحد المشاركات في الدراسة: "لا أجد أي ميزة في الختان الفرعوني. فتغير طبيعة الأعضاء الجنسية مشكلة كبرى. هل تعي ما معنى إغلاق باب المنزل نهائيا. أليس ذلك مشكلة؟". بينما رفضتا أثنتان من المشاركات ختان إبنتيهما. وقالت إحدهما إنها اتخذت ذلك القرار لأنها لا تريد لإبنتها أن تعاني كما عانت هي، وأعلنت: "لم أتوقع أن أجري عملية ختان لإبنتي أبدا. لا يهمني إذا كان يمكنها أن تحصل على زوج. فأنا لا أريد لها أن تخوض تجربتي". وأعلن العديد من المشاركات أنهن بدأن في معارضة الختان الفرعوني عندما علمن إنه مخالف للشريعة الإسلامية. وإنهن عرفن من شيوخ الإسلام إن الطريقة السنية المتبعة أكثر استحسانا.
ولكن تبقى القيود والمفاهيم الإجتماعية والدينية الخاطئة كشبح يخيم على المحاولات الناجحة للحد من تلك الإجراءات العنصرية العنيفة. فتعلن بعض المشاركات أن الضغوط أكبر من قدرتهن. وعند سؤال إحدى السيدات "هل يوجد مشكلة إذا لم يتم لمس الفتاة؟ قالت نعم، إنها تظل قذرة ومتسخة حتى تنزف فور ختانها". بينما تقول أخرى: "لن يصمتوا، وسينعتوا المرأة الغير مختتنة بأقذع الألفاظ، سيقولون إنها ليست عذراء أو إنها قذرة بكامل أعضائها". وتعبر سيدة صومالية عن رأيها قائلة: "كان ثمة اعتقاد راسخ منذ عدة سنوات إن الختان الفرعوني جيد ولم أر به ما يشوبه. ولكن تغير هذا الإعتقاد كثيرا في الوقت الحاضر، وأصبح الناس يتبعون السُنة في الختان. فالطريقة السُنية أفضل وليس لها آثار طبية جانبية على عكس الفرعوني كما أن ديننا أمرنا أن نتبعها... لقد غيرت رأيي فيما يخص الختان الفرعوني منذ ما يقرب من عشر سنوات... وأدركت إنه تقليد سيء ولا يمت للإسلام بصلة وبعد أن استمعت إلى شيوخنا، اقتنعت أن الطريقة السُنية أفضل ويجب اتباعها. كما إن هناك اتجاه عام للتخلي عن الختان الفرعوني والتوجه إلى الختان الإسلامي".
كما أفادت دراسة أجرتها وزارة الشؤون الإسلامية عام 2008 في جيبوتي حول تلك الظاهرة شملت ألف سيدة، بأن 87% منهن تعرضن للختان بينما كانت هذه النسبة أعلى نسبيا عام 1997 حيث بلغت نحو 90%. ودعا رئيس الهيئة العليا للفتوى في المجلس الأعلى الإسلامي في جيبوتي الشيخ عبد الرحمن شمس الدين إلى الفهم الصحيح لمعاني الأحاديث المروية عن الرسول صلى الله عليه وسلم الخاصة بختان الإناث. قائلا أن أغلب هذه الأحاديث ضعيف وغير معتمد والصحيح منها في غير محل الإستدلال.
ورغم أن المملكة العربية السعودية تعتبر واحدة من أسوأ السجلات الخاصة بحقوق المرأة، إلا أن ختان الإناث غير منتشر بها سوى في المناطق التي تتبع المنهج الشافعي السني. ونجد مصر على النقيض من ذلك، فوفقا لتقرير المسح الديموجرافي والصحي لمصر عام 2008، فلقد بلغ معدل انتشار ختان الإناث 91% بين السيدات اللواتي تتراوح اعمارهن بين 15 – 49 عام، بينما بلغ 74% بين الفتيات اللاتي تتراوح أعمارهن بين 15 – 17 عام.
وحسب تعريف منظمة الصحة العالمية فإن الختان هو عملية تتضمن إزالة جزئية أو كلية للأعضاء التناسلية الأنثوية دون وجود سبب طبي. وتختلف طريقة ممارسة هذه العملية حسب المكان والتقاليد لكنها تجري في بعض الأماكن دون أي تخدير موضعي وقد يستخدم الموس أو السكين بدون تعقيم أو تطهير في المناطق الريفية والنائية. ويختلف العمر الذي تجري فيه هذه العملية من أسبوع بعد الولادة وحتى سن البلوغ. وفي تقرير أعدته منظمة اليونيسيف فإن مصر وإثيوبيا ونيجيريا والسودان هي أكثر الدول التي تمتلك أعداد فتيات مختونات حول العالم.
وقسمت منظمة الصحة العالمية عملية تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية إلى أربعة أنواع رئيسية حسب مقدار الأنسجة والأعضاء المبتورة. يشمل النوع الأول إزالة جزء أو كل البظر. والنوع الثاني إزالة كلية أو جزئية للبظر والشفرين الصغيرين. أما النوع الثالث فهو ما يعرف بإسم الختان الفرعوني، وهو أحد أسوأ أنواع الختان. حيث يتم إزالة كل الأعضاء التناسلية الأنثوية الخارجية وترك فتحة صغيرة لمرور البول والدم. ويتم عمل تلك الفتحة بإدخال شيء ما في الجرح قبل إلتئامه وبعض المناطق تستخدم أدوات تقليدية كغصون الأشجار أو أحجار وغيرها. والنوع الرابع يشمل نطاقا واسعا من العمليات والأفعال التي تجري للأعضاء التناسلية الجنسية. وعرفته منظمة الصحة العالمية بأنه جميع الإجراءات الأخرى الضارة للأعضاء التناسلية التي تجري دون سبب طبي كالكي والوخز والشق والثقب والكشط وغيرها.
وتستمر محاولات الحد من تلك الظاهرة حول العالم، فتطور الأمر إلى علاج السيدات المختتنات. فلقد دونت مبعوثة الأمم المتحدة وعارضة الأزياء الصومالية واريس ديري تجربتها مع الختان في سيرتها الذاتية "زهرة الصحراء". ثم أعلنت تأسيس جمعية تحمل إسم كتابها، تدعم قسم مساعدة ضحايا ختان الإناث الذي افتتح حديثا في مستشفى فالدفريده بالعاصمة الألمانية. وهو قسم يعيد تركيب البظر واستعادة وظيفته، ويشير الطبيب الجراح رولاند شيري إلى إنها عملية في غاية التعقيد، نظرا لأن الجرح مر عليه وقت طويل وندوبه غالبا تكون عميقة.
وتتحمل جمعية زهرة الصحراء جميع نفقات العلاج بالنسبة للسيدات اللواتي لا يتوفرن لهن تأمين صحي. وهو ما يعني أن كل سيدة حول العالم يمكنها أن تلجأ للمركز لإجراء العملية. ولا يعد ذلك القسم هو الوحيد في ألمانيا، ففي مستشفى مدينة آخن، يشرح مدير قسم الجراحة والتجميل الدكتور دان مون أوديي، كيف أنه حصل على العديد من المكالمات من قبل أطباء النساء والتوليد، لمعرفة طريقة إجراء عملية إستعادة البظر.
كما أعلنت منظمة الصحافة الأفريقية في بيان صحفي، إنه سيتم افتتاح أول مستشفى من نوعه لعلاج ضحايا ختان الإناث في أفريقيا. واسترجاع قدرتهن على الممارسة الجنسية الطبيعية وذلك بمدينة بوركينا فاسو. وسيكون الافتتاح في يوم 7 مارس المقبل بحضور سيدة بوركينا فاسو الأولى. وهكذا يستمر العالم في المكافحة والتوعية ضد تلك الممارسات الشنيعة التي تنتهك حقوق المرأة في كل يوم
في دول العالم الثالث

نُشر في موقع قل Qoll