.

.

Tuesday, November 18, 2014

إلى عالية

أنظر إليك كثيرا، وكثيرا يا عالية تعني إني أمعن النظر وأدقق. أفكر إن لو أبلغني أحدهم منذ عشر سنوات مثلا إني سأكون أم لفتاة لكنت ضحكت ثم أشحت بوجهي بعيدا. لطالما تخيلت إني لن أكون أما، لن أحمل نطفة أحدهم لخلل، ولكنك جئت بمعجزة ما.
لست أم جيدة في معظم الأوقات، أهيم في توحدي الذي صار يلازمني منذ سنوات، لا أعرف كيف الخروج. أصحو لأجدك تحدثيني عن أشياء لا أعرفها، يأتيني صوتك من نفق طويل ويعلو تدريجيا حتى يصل لأذاني. تشرحين كيف ضربتِ الوحش الذي طالما أرق نومك، تشرحين كيف واجهتيه بقوة بعد تناولك كل التفاح المقطع في طبقك الأصفر الصغير. أخبرك إن الوحش أصبح صديق وإنه لديه طفل جميل مثلك إسمه نبيل وإنه لم يعد يأت ليلا لأن نبيل ينام في حضنه ويطلب منه يحكي له الحكايات. ثم أصبح نبيل صديق أيضا ونحكي له وعنه الحكايات قبل النوم.

لا أعرف ماذا أحكِ لكِ بعد كل هذا الصمت. أحاول أن أفتح أبواب الحديث معكِ وأوضح لكِ كل شيء أعرفه، ولكني الآن لم أعد أعرف الكثير، كلما كبرنا يا عالية، كلما تلاشى اليقين.. ما اليقين والثقة إلا طيش شباب، إلا بالونة حمراء تغريك بالإقتناء ولكنها سرعان ما تفرقع في وجوهنا محدثة جلبة.

في تلك الأيام يتهاوى كل شيء، ولم أعد أتحدث بصيغة التأكيد، لم أعد أفتي :) وستعرفين إني لم أخلو منه سوى قليلا. لم يكن هذا خطأي كما سيقصون عليك، إنها لعنة البحث عن الإجابات. فأنا أكره الأسئلة المعلقة التي تبقى كالغبار في الهواء، فأفتش سريعا عن إجابة، عن احتمالات محتملة للإجابات. لم يكن عقلي يتحمل هذا التيه، ولكني الآن أرحب به، وأترك الأسئلة في الهواء، أتركها تطير بحرية في هواء الغرفة. مؤخرا عقدت عدة أسئلة بخيوط بلاستيكية وربطتها بأناقة في نجفتي المودرن الحبيبة. وعندما صحوت أنتِ، سألتِ ببراءة، من فعل هذا يا ماما، فأخبرتك إنه الزمن وإننا لا نملك من الأمر شيئا! ولكنك لا تكفِ عن طرح الأسئلة، وأنا لم أعد أملك الإجابات.

أنتِ الآن على وشك الرابعة، وهذا يفرحك كثيرا. وتخبرينِ طوال الوقت إنك خلاص كبرتِ وتستطيعي فعل أي شيء. أرحب بهذا كثيرا وأعاملك كطفلة كبيرة بالفعل، أحاول جاهدة ألا أفرض سيطرتي للنهاية وأن أبسط يدي لكِ بكل ما تحبينه. لا أعرف كيف سأتركك ترثين كل هذا الإرث ولا كيف سأعينك على التحديات. على هذه الأرض يا عالية، عليك أبدا ألا تستسلمي، عليك أن تفسحي المجال وتعرفي أن لا حدود للاختيارات. وأن لا تختاري الأسهل أبدا.

Thursday, October 23, 2014

إلى عالية


عن الحزن..

أحكم إغلاق النوافذ حتى لا تتسرب رائحة الحزن من المكان. كل هذا الأسى لا يحتاج سوى الكثير من الشعر، فأنهض من عزلتي لأبحث عن القصائد التافهة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــ

عزيزتي عالية، رحل بوتشي منذ عدة أيام عن الحياة. كنتِ بجواره طوال الوقت، تتسائلين عما به وماذا أصابه. إنك الآن في الرابعة إلى قليلا ومازالت فكرة الموت مبهمة في عقلك. راقبناه سويا وهو يحتضر في لحظاته الأخيرة. كنتِ تبكي لبكائي، وتحتضنينني في حنان أمومي فطري.
لم أقصد إيذائك أبدا بجعلك تمرين بكل هذا، ولكنه كان أمر خارج تماما عن إرادتي. كان بوتشي قطي الذي أحببته كثيرا واستضفته في منزلنا في أيامه الأخيرة. كنتِ تحبينه أنتِ أيضا، وطالما سألتِ أين ذهب ولماذا لم يعد معنا.
ذهبنا سويا مع خالتك لنقوم بدفنه في حديقة مجاورة، لم تفهمي وقتها يا حبيبتي ماذا يحدث. كانت التجربة الأولى لكِ بالطبع مع مثل ،تلك الأمور. وكنتِ في دهشة من أمرنا، وسألتي لماذا سنتركه في الحديقة؟ فأخبرتك إنه قد مات ولن يعود ثانية، ولكنك أعدتي السؤال بذكاء: "طيب مادام مات يبقى ليه نسيبه هنا؟". كانت أسئلة صعبة، ولكني حاولت أن أجعله مبسطا، فشرحت لكِ إنه قد ذهب إلى حديقة أكبر عند ربنا ولن يعود مرة أخرى أبدا.
أكثر ما أخافني وقتها هو تحدثك كثيرا عن رغبتك في الذهاب إلى نفس تلك الحديقة لتلعبين معه. كانت أيام قاسية علينا جميعا، مرت كشهور. ولكنك ستنسي، كما سنحاول أن ننسى جميعا ونواصل الحياة.


 مر كثيرا دون أن أدون لكِ، أعتذر عن ذلك. فقد كانت الفترة الأخيرة من حياتي سيئة. ولكنك تكبرين بخفة، وبعناد، ويبدو إننا سنواصل صراعتنا سويا لكثير من الوقت :)




إليك بعض من السحر الذي تركه بوتشي خلفه، والذي نشرته على الفيس بوك:

أنا باعتقد في ما ورائيات الطبيعة وباصدق الحاجات الخارقة، أنا بنفسي اختبرت حاجات غريبة قبل كده. لما بوتشي مات، خرج منه سائل ريحته حلوة أوي، لدرجة إني قفلت الشقة عشان الريحة تفضل أطول وقت ممكن. كنت باتكلم مع صديق دكتور بيطري امبارح عن السائل ده.. وهو استغرب؛ بس قالي أكيد بوتشي حب يشكرك على كل الحب ده وعلى تعبكوا معاه. أنا حبيت تفسيره أوي للرائحة دي وصدقته.
النهاردة سبت النسكافيه بتاعي وقررت إني مش هاشربه.. بعدها لقيت صورة بوتشي على الوش.. العين الوارمة والعين الطبيعية وهو بيبصلي وبيضحك.
أنا مصدقة إنه بيشكرنا وبيبعت لنا رسايل حب.. هو كان صديق حقيقي في وقت أنا كنت فيه فعلا بدون أصدقاء.. كان موجود دايما في اﻷوقات الحرجة وعمره ما خذلني.


يمكن البعض يشوفني مبتذلة. بس فعلا باشكر كل حد متفهم ومقدر مشاعرنا. حيث إننا ماعندناش أي حاجة نواجه بيها حزننا غير الكتابة.


Thursday, April 3, 2014

اجراءات احترازية

بيقولك حرفيا، نقلوا المعادي كلها للمستقبل القريب، ولو عايز تروح المعادي لازم تروح تركب تاكسي من موقف جديد عملوه قدام نادي السكة. أركب التاكسي ال مكتوب عليه المستقبل القريب لأن ال مكتوب عليه المستقبل البعيد بيعدي بس أجرته أكبر.

ونقلوا غمرة كلها للماضي، ودي صعب شوية نروح لها، لإننا لازم نوقف الساعة قبلها بشوية، ونركب التاكسي ال مكتوب عليه الماضي بس مش شرط تلاقي هناك حاجة مكتوب عليها المستقبل القريب هناك، في الماضي، لأن ال احنا فيه دلوقتي هو المستقبل القريب للماضي بتاعهم.

المهم إنك لو رحت دلوقتي المعادي أو غمرة مش هتلاقيهم في مكانهم! هاتخبط في رمسيس وش لو أنت جاي من شارع بورسعيد أما لو أنت جاي من التحرير فهاتخبط وش في القصيرين. وكذلك بالنسبة للمعادي، ممكن تخبط عادي في حلوان أو طره.. انت وحظك بقى! :)

Friday, March 28, 2014

مأسويات


أظن ان إبقاء أفواهنا مغلقة مع اعتدال رؤوسنا، هو ما يمنع أرواحنا من الرحيل. فلنختبر هذا، أرفعوا رؤسكم لأعلى، لأعلى أكثر، ودعوا الفك الأسفل يستجيب للجاذبية، وحلقوا!

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

رأيت نفسي بتنورة في لون القهوة الممزوجة بالحليب وبدون حجاب، منذ قراري الأخير بخلعه، أصبحت كل أحلامي بدونه، وكأن عقلي الباطن يحتفل.
استلقيت أرضا فوق عشب أخضر، بدا لي كحديقة واسعة. وعندما رأيت قمم الأشجار، تخيلت إنها غابة صغيرة.
كان وجهي للسماء، سعيدة، إني حققت إحدى الأمنيات المستحيلة في شوارع القاهرة. وكانت السحب قليلة ومفرغة بعشوائية، وكانت هشة مثل جليد الأفلام الأجنبية.
مثل عمود فقري طويل، وعظامه متشعبة برقة وتحده قمم الأشجار من الجانبين وتحجب الرؤية. أغمضت عيني وكأنني أقبض على المشهد بأهدابي. فسمعت صوت جهوري يعلن "إنها تمطر!". قلت في نفسي إنه بالطبع ابن هبلة، وأن لا يمكن لعمود فقري هش مرسوم في السماء أن يمطر!
ولكنني تلقيت قطرة ماء فوق عيني، بالتحديد أسفل حاجبي الأيسر. ثم تبعتها قطرات كثيفة كبيرة، تستطيع أن تصنع دائرة قطرها سم فوق ملابسي.
استسلمت تماما لحبات المطر، وعندما توقفت، رأيت عمود فقري مرسوم بعناية بدوائر كبيرة فوق تنورتي!

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أردت البكاء الليلة ولكنني لم أجد سببا لهذا. أعرف أن الموت بسيط، فقط عليك أن تفغر فاهك وتدع روحك، فتنزلق خفيفة كفقاعة صابون.
ولكن لايزال هناك متسع من الوقت لكي أعد الغداء لعالية. أخبرتها بذلك فنظرت لي ممتنة. نعم، عالية، إنها سببا كافيا لإثارة دموعي في هذه الليللة!
فالأمر المثير للشجن إني انتهيت بالفعل من إعداد غداء اليوم، بينما لا أرى الغد يلوح في الأفق.

Wednesday, March 19, 2014

قذرة حتى تنزف!

تعكس مسميات "تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية" أو ما يُسمى بعملية الختان في بعض الدول الأفريقية ثقافة الشعوب فيما يخص المرأة وعفتها. فيتم إطلاق إسم الطهارة على عملية الختان في مصر بينما تُسمى في السودان بالطُهر. ويطلق عليها في اللغة البامبرية بمالي غسيل الأيدي، وفي اللغة الإيجبو بنيجيريا المضي نحو القدر، أما في الصومال فيُعرف ذلك الإجراء بالخياطة.
وتمتد الجذور العميقة لتقليد الختان في أكثر من 28 دولة أفريقية وعدد قليل من الدول الآسيوية. وقدرت منظمة الصحة العالمية أن هناك ما يقرب من 100 إلى 140 مليون امرأة خضعن لهذه التجربة، وفقا لدراسة أُجريت في عام 2010. وحسب دراسة أجرتها جامعة هولير العراقية فأن السيدات ينظرن للختان إنه جزء أساسي من الثقافة الكردية. كما إنهن لايزلن يؤمنن أن ممارسة الختان ضرورية لتجنب الحرج الثقافي أو وصمة العار وللحفاظ على وضع جيد في المجتمع. ويعد ذلك أحد أهم الأسباب لممارسة ختان الإناث في العديد من الدول والثقافات. حيث أظهرت بعض الدراسات أن التقاليد الإجتماعية والثقافية هي الأسباب الرئيسية.  كما اقترحت أحد الدراسات أن العامل الرئيسي لإستمرار هذه الممارسات هو العادات والتقاليد الموروثة في الأسرة من الأمهات إلى الفتيات.
ووفقا لهذه الدراسة، فإن الختان منتشر في أقليم كردستان العراقي بنسبة 40% وتقل النسبة في المناطق الحدودية مع تركيا، بينما قد تصل في بعض المناطق الريفية إلى 70%.
وننتقل إلى دولة الصومال. لقد قدرت منظمة الصحة العالمية أن 98% من السيدات الصوماليات تم ختانهن في عام 2006. منهن 90% تعرضن لختان فرعوني. ولا يزال النظام القضائي الصومال يهمل تلك القضية، ومع ذلك برزت في السياسة الجنسانية الوطنية لعام 2009 – 2012 باعتبارها واحدة من أعنف الممارسات ضد الفتيات والسيدات.
في عام 2006 تم تأسيس منظمة "نفيس*" بواسطة 23 منظمة من المنظمات الغير حكومية في الصومال، وتهدف إلى مكافحة تشويه الأعضاء الأنثوية من خلال تقديم خدمات لأعضاءها مثل التعليم والإمداد بالمعلومات حول هذا الإجراء وتعزيز السيدات وكسب تأيدهن. وحسب دراسة سويدية أُجريت عام 2013، فإن بعد فترة من نشاط هذه المنظمة إرتفعت نسبة الوعي لدى المرأة الصومالية فتقول أحد المشاركات في الدراسة: "لا أجد أي ميزة في الختان الفرعوني. فتغير طبيعة الأعضاء الجنسية مشكلة كبرى. هل تعي ما معنى إغلاق باب المنزل نهائيا. أليس ذلك مشكلة؟". بينما رفضتا أثنتان من المشاركات ختان إبنتيهما. وقالت إحدهما إنها اتخذت ذلك القرار لأنها لا تريد لإبنتها أن تعاني كما عانت هي، وأعلنت: "لم أتوقع أن أجري عملية ختان لإبنتي أبدا. لا يهمني إذا كان يمكنها أن تحصل على زوج. فأنا لا أريد لها أن تخوض تجربتي". وأعلن العديد من المشاركات أنهن بدأن في معارضة الختان الفرعوني عندما علمن إنه مخالف للشريعة الإسلامية. وإنهن عرفن من شيوخ الإسلام إن الطريقة السنية المتبعة أكثر استحسانا.
ولكن تبقى القيود والمفاهيم الإجتماعية والدينية الخاطئة كشبح يخيم على المحاولات الناجحة للحد من تلك الإجراءات العنصرية العنيفة. فتعلن بعض المشاركات أن الضغوط أكبر من قدرتهن. وعند سؤال إحدى السيدات "هل يوجد مشكلة إذا لم يتم لمس الفتاة؟ قالت نعم، إنها تظل قذرة ومتسخة حتى تنزف فور ختانها". بينما تقول أخرى: "لن يصمتوا، وسينعتوا المرأة الغير مختتنة بأقذع الألفاظ، سيقولون إنها ليست عذراء أو إنها قذرة بكامل أعضائها". وتعبر سيدة صومالية عن رأيها قائلة: "كان ثمة اعتقاد راسخ منذ عدة سنوات إن الختان الفرعوني جيد ولم أر به ما يشوبه. ولكن تغير هذا الإعتقاد كثيرا في الوقت الحاضر، وأصبح الناس يتبعون السُنة في الختان. فالطريقة السُنية أفضل وليس لها آثار طبية جانبية على عكس الفرعوني كما أن ديننا أمرنا أن نتبعها... لقد غيرت رأيي فيما يخص الختان الفرعوني منذ ما يقرب من عشر سنوات... وأدركت إنه تقليد سيء ولا يمت للإسلام بصلة وبعد أن استمعت إلى شيوخنا، اقتنعت أن الطريقة السُنية أفضل ويجب اتباعها. كما إن هناك اتجاه عام للتخلي عن الختان الفرعوني والتوجه إلى الختان الإسلامي".
كما أفادت دراسة أجرتها وزارة الشؤون الإسلامية عام 2008 في جيبوتي حول تلك الظاهرة شملت ألف سيدة، بأن 87% منهن تعرضن للختان بينما كانت هذه النسبة أعلى نسبيا عام 1997 حيث بلغت نحو 90%. ودعا رئيس الهيئة العليا للفتوى في المجلس الأعلى الإسلامي في جيبوتي الشيخ عبد الرحمن شمس الدين إلى الفهم الصحيح لمعاني الأحاديث المروية عن الرسول صلى الله عليه وسلم الخاصة بختان الإناث. قائلا أن أغلب هذه الأحاديث ضعيف وغير معتمد والصحيح منها في غير محل الإستدلال.
ورغم أن المملكة العربية السعودية تعتبر واحدة من أسوأ السجلات الخاصة بحقوق المرأة، إلا أن ختان الإناث غير منتشر بها سوى في المناطق التي تتبع المنهج الشافعي السني. ونجد مصر على النقيض من ذلك، فوفقا لتقرير المسح الديموجرافي والصحي لمصر عام 2008، فلقد بلغ معدل انتشار ختان الإناث 91% بين السيدات اللواتي تتراوح اعمارهن بين 15 – 49 عام، بينما بلغ 74% بين الفتيات اللاتي تتراوح أعمارهن بين 15 – 17 عام.
وحسب تعريف منظمة الصحة العالمية فإن الختان هو عملية تتضمن إزالة جزئية أو كلية للأعضاء التناسلية الأنثوية دون وجود سبب طبي. وتختلف طريقة ممارسة هذه العملية حسب المكان والتقاليد لكنها تجري في بعض الأماكن دون أي تخدير موضعي وقد يستخدم الموس أو السكين بدون تعقيم أو تطهير في المناطق الريفية والنائية. ويختلف العمر الذي تجري فيه هذه العملية من أسبوع بعد الولادة وحتى سن البلوغ. وفي تقرير أعدته منظمة اليونيسيف فإن مصر وإثيوبيا ونيجيريا والسودان هي أكثر الدول التي تمتلك أعداد فتيات مختونات حول العالم.
وقسمت منظمة الصحة العالمية عملية تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية إلى أربعة أنواع رئيسية حسب مقدار الأنسجة والأعضاء المبتورة. يشمل النوع الأول إزالة جزء أو كل البظر. والنوع الثاني إزالة كلية أو جزئية للبظر والشفرين الصغيرين. أما النوع الثالث فهو ما يعرف بإسم الختان الفرعوني، وهو أحد أسوأ أنواع الختان. حيث يتم إزالة كل الأعضاء التناسلية الأنثوية الخارجية وترك فتحة صغيرة لمرور البول والدم. ويتم عمل تلك الفتحة بإدخال شيء ما في الجرح قبل إلتئامه وبعض المناطق تستخدم أدوات تقليدية كغصون الأشجار أو أحجار وغيرها. والنوع الرابع يشمل نطاقا واسعا من العمليات والأفعال التي تجري للأعضاء التناسلية الجنسية. وعرفته منظمة الصحة العالمية بأنه جميع الإجراءات الأخرى الضارة للأعضاء التناسلية التي تجري دون سبب طبي كالكي والوخز والشق والثقب والكشط وغيرها.
وتستمر محاولات الحد من تلك الظاهرة حول العالم، فتطور الأمر إلى علاج السيدات المختتنات. فلقد دونت مبعوثة الأمم المتحدة وعارضة الأزياء الصومالية واريس ديري تجربتها مع الختان في سيرتها الذاتية "زهرة الصحراء". ثم أعلنت تأسيس جمعية تحمل إسم كتابها، تدعم قسم مساعدة ضحايا ختان الإناث الذي افتتح حديثا في مستشفى فالدفريده بالعاصمة الألمانية. وهو قسم يعيد تركيب البظر واستعادة وظيفته، ويشير الطبيب الجراح رولاند شيري إلى إنها عملية في غاية التعقيد، نظرا لأن الجرح مر عليه وقت طويل وندوبه غالبا تكون عميقة.
وتتحمل جمعية زهرة الصحراء جميع نفقات العلاج بالنسبة للسيدات اللواتي لا يتوفرن لهن تأمين صحي. وهو ما يعني أن كل سيدة حول العالم يمكنها أن تلجأ للمركز لإجراء العملية. ولا يعد ذلك القسم هو الوحيد في ألمانيا، ففي مستشفى مدينة آخن، يشرح مدير قسم الجراحة والتجميل الدكتور دان مون أوديي، كيف أنه حصل على العديد من المكالمات من قبل أطباء النساء والتوليد، لمعرفة طريقة إجراء عملية إستعادة البظر.
كما أعلنت منظمة الصحافة الأفريقية في بيان صحفي، إنه سيتم افتتاح أول مستشفى من نوعه لعلاج ضحايا ختان الإناث في أفريقيا. واسترجاع قدرتهن على الممارسة الجنسية الطبيعية وذلك بمدينة بوركينا فاسو. وسيكون الافتتاح في يوم 7 مارس المقبل بحضور سيدة بوركينا فاسو الأولى. وهكذا يستمر العالم في المكافحة والتوعية ضد تلك الممارسات الشنيعة التي تنتهك حقوق المرأة في كل يوم
في دول العالم الثالث

نُشر في موقع قل Qoll

Monday, February 10, 2014

عن الأمومة واضطراباتها

"الرباط المقدس" للفنانة هبة خليفة

تقول المخرجة الأمريكية كاثلين ترنر: "لايزال هناك بعض السيدات اللواتي لا يعشن حياتهن الخاصة، ولكنهن يعيشن من خلال حياة أزواجهن وأطفالهن"

وهذا تماما ما ثارت ضده إبريل في فيلم "الطريق الثوري". يبدأ الفيلم بداية صاخبة، حيث يضعنا مباشرة في قلب الأزمة التي تعاني منها إبريل بطلة الفيلم. يبدو كل شيء مثير للإحباطات في تلك البلدة الصغيرة الهادئة. فإبريل التي درست المسرح لا تجد فرقة مسرحية في تلك البلدة سوى فرقة هواة سيئة، تضطر أن تمثل معهم المسرحيات لإنها لا تجد بديل. ثم تصب غضبها على زوجها ثم نعرف إنه كان سببا في إنتقالهم هناك.

بعد مرور العاصفة تتذكر إبريل رحلة زوجها لباريس ورغبته في أن يعود إليها مرة أخرى. وتفكر لماذا لا ينتقلوا للعيش هناك. تبدو المقارنة هنا بين مدينة صاخبة محبة للفنون والأضواء وكل ما تسري الحياة به وبين واقع محشور بين تروس عجلة الرأسمالية الطاحنة التي تدهس كل أشكال الحياة.
يوافق زوجها في البداية على الإنتقال إلا أن خوفه من مواجهة نفسه الخاوية ومن التغيير يجعله يتراجع عن قراره. ويفكر في إن استقرارهم في تلك البلدة الهادئة أهم من الحياة التي ترغب إبريل في رؤيتها. في الحقيقة لم تكن إبريل تريد أن ترى الحياة، ولكنها ترغب في الشعور بها، أرادت أن تحيا من جديد وتنقذ نفسها من وطأة الحياة الميتة الرمادية التي أرغمتها، في النهاية، على الرحيل.

كان حمل إبريل هو ما إستند عليه زوجها ليرفض السفر إلى باريس، وكان هو ما جعل إبريل نفسها تفكر في عمق الهوة التي سقطت بها. إنها أم لطفلين تشعر إن قدومهما كان خطأ رغم حبها لهما ولكنهما كانا عبأ ثقيلا بجانب خوائها الداخلي. والآن تكرر نفس الخطأ وتستعد لجلب طفل آخر لحياتها. تسأل زوجها بعد أن قررت إجهاض نفسها "هل تريد حقا طفلا آخر؟"، يصمت قليلا ثم يقول "لا يوجد أم طبيعية تقتل طفلها من أجل حلم".
لم يشر الفيلم إلى حالة إبريل النفسية بشكل واضح، وعندما عرض عليها زوجها الذهاب إلى طبيب نفسي، فضلت الصمت وإنهاء النقاش. ولكني أعتقد أن الكثير من مشكلات المرأة بعد الزواج وإنجاب الأطفال تتقاطع مع اضطرابات "اكتئاب ما بعد الولادة".

عندما قام سيجموند فرويد في بداية تسعينات القرن التاسع عشر بممارسة أول معالجة معاصرة لإكتئاب ما بعد الولادة، كان يرى أن العلاج يتلخص في طلب المساعدة من المحيطين والتعبير عن المشاعر. وهذا ما كان نواة لمعالجة اضطرابات المرأة في الطب النفسي الحديث.

وقد كشفت دراسة أجرتها جامعة ميتشجان الأمريكية عن أن أم واحدة من كل خمسة أمهات تعاني من أعراض الاكتئاب عند بداية حملهن. وقد يشعرن بالاكتئاب في فترات مختلفة من حياتهن بعد الولادة. وتتلخص الأعراض في اضطرابات النوم وصعوبة التركيز ونقص في الطاقة والشعور بالخواء وعدم الإستمتاع بأشياء كن يستمتعن بعملها من قبل، وازدياد في الشهية أو فقدانها تماما، بجانب شعورهن بالذنب والخزي وقد يصل الأمر إلى التفكير في الرحيل أو الإنتحار. وتزداد تلك الأعراض في أي مرحلة من حياة الأم، بمعنى إنه ليس اكتئاب مصاحب لحالة الولادة فحسب بل إنه قد يمتد لعدة سنوات بعدها.

وتنعكس تلك الاضطرابات على المنزل بأكمله، فتشير الدراسات إلى أن الطفل الرضيع إذا لم يستشعر الدفء والسعادة على ملامح أمه، فإنه يصاب بالضيق والإحباط. وفي نفس الوقت تجد الأم نفسها مشتتة ومهملة في احتياجات الطفل. ومن ثم تشعر بالذنب الرهيب.
تقول آن شيفلد مؤلفة كتاب (التغلب على إرث اكتئاب الأمومة): "تشعري إنك في حالة مزرية غير محتملة، وفي حالة سبات عميق، كما إنك غير قادرة على الشعور بالسعادة أو الحماسة. كما أن الأمهات المحبطات يقمن بإخفاء شعورهن لإحساسهن بالعار بالإضافة إلى أن أزواجهن لن يكون في إمكانهم تفهم شعورهن".

في فيلم "الساعات" المأخوذ عن رواية بنفس الإسم، تحاول شخصية لارا براون أن تتغلب على تعاستها وتصنع قالب من الكيك مع إبنها ريتشارد ولكنها تفشل في ذلك وتضطر إلى التخلص منه، ثم تقوم بصنع آخر. بعدها تترك ريتشارد في صحبة إحدى الجارات وتتجه إلى فندق ما، ورغم إنها حامل، تفكر في الإنتحار. إلا إنها تعود أدراجها إلى المنزل لتحتفل بعيد ميلاد زوجها مع الإبن. ونعرف في نهاية الفيلم إنها رحلت عن أسرتها بعد ولادة إبنتها. هكذا، تركت أبنائها مع زوجها وسافرت إلى كندا لتعيش حياتها من جديد. وبعد عودتها لحضور جنازة إبنها الذي اختار الإنتحار بعد إصابته بمرض الإيدز، قالت لمضيفتها إنها لن تعتذر عما فعلته وإنها تعلم أن زوجها وابنتها الذين رحلا عن الحياة أيضا لم يغفروا لها ما حدث ولكنها معهم كانت ميتة وإختارت الحياة.

في عام 2001 سنحت الفرصة للسيدة رانا ريكو ريزوتو لتسافر إلى اليابان لمدة ستة أشهر لتؤلف كتاب عن ضحايا القنبلة النووية. وشعرت رانا بالسعادة لتشجيع زوجها لها وإصراره على سفرها وتأكيده لها إنه سيرعى أطفالهما، ولدان كانت اعمارهما حين ذاك 3 و5سنوات. ولكن أثناء سفرها بدأت الخلافات تسري بينهما وفشل زواجهما بعد علاقة دامت عشرين عام. وبدلا من أن ينتقل زوجها من المنزل، قامت هي بالإنتقال على بُعد عدة بنايات تاركة أطفالها برعاية الأب. ولكنها لم تتوقف قط عن رؤيتهما وعن مشاركتهما الحياة.

بعد ترويج كتابها "هيروشيما في الصباح" في الولايات المتحدة الأمريكية، قامت وسائل الإعلام بإثارة قصتها للجمهور، الذي أطلق عليها "المرأة الأسوأ من هتلر". كانت تتلق رسائل كراهية في بريدها الإلكتروني على مدار الساعة كما إنها تلقت رسائل تهديد.

تقول رانا: قال الناس لي أن أطفالي سينتهي بهم الأمر كقتلة بسبب قولي أني لم أرغب يوما أن أكون أم. كما قيل لي إني (خُلقت فحسب لأخلق). وعبرت بعض السيدات عن استيائهن قائلين أن جريمتي لم تكن قولي أني لا أريد ان أكون أما، فالعديد من النساء لا يريدن ذلك، ولكن جريمتي تكمن في الإعتراف بهذا الأمر.

وتضيف رانا: لم تكن مشكلتي مع الأطفال أبدا ولكن كانت مع معتقداتنا عن الأمومة. وكيف يكون الرجل الذي يقوم برعاية أطفاله طوال الوقت قديس ولكن الأم ما هي سوى أم فحسب. وننكر أن هناك طرق أخرى للأمومة... كان علي أن أترك أطفالي لأجدهما. فلقد خشيت أن أتحول إلى الأم التي تكد طوال الوقت وتضع كل شخص حولها في قائمة أولوياتها وتنسى نفسها. ما حاولت أن أقوله لأطفالي هو كيف يواجهوا مخاوفهم وكيف يقوموا بتغييرها إذا اضطروا إلى ذلك بدلا من الإستسلام.

وهكذا يمكننا أن ندرك لماذا لم ترحل إبريل فحسب؟ لماذا لم تسافر إلى باريس وتترك أطفالها مع الأب؟ من المحتمل إنها لم تكن قوية بشكل كاف حتى تتخذ تلك الخطوة وإنها ستشعر بالذنب ولكن المؤكد أن وصمة العار كانت ستلاحقها طوال حياتها، فعندما يرحل الأب من أجل حياة أفضل أو من أجل حب أخر لا ينعته أحد بإنه "أسوأ من هتلر".

في فيلم "شيرلي فالنتين" المأخوذ من مسرحية بنفس الإسم، تقوم شيرلي بمحادثة حائط مطبخها طوال الوقت حتى لا تنسى الكلام. فلقد كبر إبنها وترك المنزل وزوجها لا يكاد يشعر بوجودها حوله. فتتخذ من الحائط صديقا لها بل إنها تمازحه في بعض الأوقات. ثم تأتيها دعوة من صديقة لها للسفر إلى اليونان بصحبتها، فتترك المنزل والزوج وتسافر دون حتى أن تخبر إبنها بقرارها. وهناك، باليونان، تبدأ في الشعور بسريان الحياة من جديد في شرايينها، وكل ما تطلبه من النادل اليوناني هو أن يسمح لها بأن تضع طاولتها على البحر في الليل وتحتسي الشراب. وفي نهاية الفيلم، يسافر زوجها إليها ليحضرها ولكنه لا يتعرف عليها عند رؤيتها، لقد قامت من بين الأموات وتبدلت هيئتها للأجمل. عندما تراه شيرلي، لا تطلب منه شيئا سوى أن يجلس بجانبها على الطاولة وينظر للبحر. كان البحر بإتساعه مثل تعويض عن كآبة الحائط التي أمضت أيامها في محاولة لحملها على الكلام.

هنا، في تلك البقعة المظلمة من العالم، لا نعرف الكثير عن كل هذا. ليس لدينا ثقافة نفسية، ولا نعترف بإحباطات الأمومة. ولا تملك الأم إلا أن تدفن عمرها أسفل أقدام أطفالها.فأكثر ما يؤلمني في نظرة أمي لراقصات الباليه على شاشة التلفزيون، هو ذلك الشغف بحياة لم ولن تعيشها. نظرات التمني .والحسرة المصاحبة لأمرأة في أواخر عقدها الخامسأكثر ما يؤلمني هو أن "تطلع البنت لأمها" وترث تلك الزفرات والأعين الحزينة
نُشر في موقع قُل - فبراير 2014

Thursday, January 23, 2014

نظرات أمي 1

 أكثر ما يؤلمني في نظرة أمي لراقصات الباليه على شاشة التلفزيون، هو ذلك الشغف بحياة لم ولن تعيشها. نظرات التمني والحسرة المصاحبة لأمرأة في أواخر عقدها الخامس.
أكثر ما يؤلمني هو أن "تطلع البنت لأمها" وترث تلك الزفرات والأعين الحزينة.

شارع به قضبان


كاد عقلي أن يستسلم لفكرة السبات العميق التي أحاول أن أقحمها به منذ عدة ساعات. ولكني سمعت فجأة صوت صافرة قطار تقترب. فنهضت مسرعة متوجسة من هلوستي التي تزايدت كثيرا في الآونة الأخيرة.
ولكني وجدت قطار حقيقي واقفا تحت شرفتي، قطار قديم تبعث من مقدمته الأدخنة. نزل الركاب منه في هدوء، وأدركت إنهم نياما من مشيتهم المترنحة. ولكن صاح بهم رجلا يبدو أن عقله عنيدا مثلي ولم يستسلم للنوم؛ أن هذه ليست محطتهم!
وثارت جلبة بين المترجلين والنوم لا يزال يداعب جفونهم. فأخرج السائق نصفه الأعلى من نافذته ليستكشف الأمر.
ثم ظهرت عليه علامات التردد والشك عندما رأى البنايات الجميلة المتراصة في قبح. ثم نظر إلى الطريق فلم يجد القضبان وتذكر أن قطاره في إمكانه السير على الرصيف أيضا.
عاد لمساعده ليتأكد إذا كان قد غفا فخرج القطار عن مساره؟ ولكن المساعد لم يفيده بشيء. وأخبره إنه كان مشغولا بالنظر لجانب الطريق ليشاهد البحر. هرش السائق شعره محاولا تذكر إذا كان يمر مسار هذه الرحلة بمحاذاة البحر أم لا؟
زادت الضجة، وخاف السائق من شكوى الركاب فتضيع علاوته السنوية! فخرج إليهم لتهدئتهم.
لم يجد أحد يستطلع منه الأمر سواي. فسألني هامسا: أين نحن؟ جاوبته بصوت منخفض إنني لا أعرف تحديدا ولكن يبدو لي إنكم في المكان الخاطيء.
نظر إلى في تفهم ثم سألني عن نهاية الرصيف، فأخبرته أن الرصيف ينتهي بعد 100 متر ولا يوجد غيره في ذلك المكان.
فأدرك إنه لن يستطيع السير بقطاره هنا وعاد ليسأل الرجال من الركاب المشورة. وبعد مناقشات طويلة، قاموا بإدخال السيدات والأطفال إلى العربات، بينما حمل الرجل القطار فوق أكتافهم وعادوا أدراجهم من حيث جاءوا. بحثا عن شارع به قضبان.

حلم بكيت بعده

كان أبي حزينا، واقفا في سكون وظهره للحائط. اقتربت منه بحذر وأنا أشعر بثقل سؤالي عن أحواله. لم نعتاد على مثل تلك الأمور، فنحن دوما نكتفي فحسب بأن كلانا يعلم أن الآخر بخير وكفى، بدون عواطف زائدة.
ولكني تغلبت على ترددي وسألته عن حزنه، فقال بإستنكار وعتاب إنه حزين لأني لم أرى وردته الذي زرعها. سخرت في سري من وردته تلك التي لا يتحدث عن سواها في الأيام الأخيرة، إلا أني جاريته برقة وأخبرته عن رغبتي في رؤيتها.
شعرت بالفرحة تسري في قسمات وجهه وفشلت رزانته في إخفائها. وأدركت أني كنت أهم شخص لديه في تلك اللحظة.
أحضر عود أخضر طويل، كان مثل شجرة صغيرة تشبه عود الشبت وعلى جانبها ورد صغير للغاية لم يزهر بعد. كنت مبتهجة ومندهشة من تلك المشاعر التي سرت بيننا فجأة بعد كل هذا العمر الطويل.
وسألته بعد أن تذكرت للتو إننا زرعنا معا منذ سنوات طويلة ورد كان يعيش لأسبوع فقط ثم يموت، هل هذا ما زرعناه من قبل؟ فأجاب نعم، إنه هو ثم رحل. خرج من الشرفة بهدوء وتركني بمفردي. نظرت للشجرة الصغيرة التي صارت ضخمة وطويلة جدا فجأة حتى إنها لامست السحاب بأطرافها.
وقد تفتحت الأزهار المتراصة على جانبيها وبدأت الأمطار في السقوط. كان كل شيء رائق بشدة وامتزجت حبات المطر بموسيقى كونية تشبه السيمفونيات، لم أعرف مصدرها ولكنها كانت تنبعث من كل مكان.
كان أحدهم بجانبي ولكني لم أتبين ملامحه جيدا، كنت منشغلة تماما بالشجرة وأخذت ألوح بها في السماء وأداعب المطر وأنا أراهن على أن قوته لن تثني الغصن أو تمزق اوراقه الوافرة التي لا تزال تشبه الشبت.
وما إن انتهى المطر، حتى توقفت الموسيقى الكونية عن العزف. ورفعت يدي أحيي أوركسترا السماء وأنا ممتنة. وأنظر للشجرة التي زرعها أبي وترعرعت بين كفوفي، ولكني لم أعد أراه في أي مكان.

Saturday, January 4, 2014

فستان بنفسجي

بينما تعدين طبق المكرونة.. تكتشفين في كل مرة طعم مختلف تماما. الطعم لا يثبت أبدا أيا كانت الوصفة التي تستخدمينها، وأيا كانت درجة إحكامها.

يوضح لي هذا كيف أني أعد وصفة السعادة الخاصة بالغد، كل غد، وأنام وهي أسفل مخدتي في أمان. ثم لا أصحو في الميعاد المذكور في الوصفة، تمتد ساعات نومي لأكثر من 12 ساعة.. أتمنى أن أنام للأبد، 
لا أصحو.. 
لا أموت.. 
لا أتلاشى، 
فقط أنام إلى ما لا نهاية.

يسري لأذني صوت إبنتي تنادي من داخل سريرها المرتفع الجوانب، وتعود السلاسل تشدني للأرض مرة أخرى، نعم أحبها بشدة، بل أني أصاب بالبله في حضرتها، أنظر لملامحها الجميلة جدا، الصغيرة التي لا أستطيع أن أتخيل كيف تكوَن مثل هذا الجمال بداخل أحشائي يوما ما.. أنظر إليها بتمعن، وأتساءل من أين جاءت؟ أشعر إنها معجزة ولكني مشوشة فيما يخص المعجزات.

أتخيلها في بعض الأحيان أختي الصغيرة، واتشاجر معها وكأني طفلة أصغر منها.. أشد الألعاب من يدها بعنف وأغني معها أغانيها الساذجة في سعادة، حتى أني نسيت الأغاني التي كنت أحبها، لمن كنت أستمع قبل أن تأتي؟

الصورة الذهنية الأقرب لي هي إنها كانت محلقة فوق سحابة ما فوق منزلي وإلتقطتها أنا قبل أن تسقط على الأرض. ولكني في أحلامي المتقطعة، أرى خيط رفيع للغاية، يتلوى ويتأرجح بطفولية ومرونة مدهشة وكأنه يسبح بسلاسة داخل بحر أسود به بعض الدوامات البيضاء المشوشة. إنها هي على شاشة السونار، كانت ترقص باليه وتطير داخل رحمي بينما أسمع النبضان يتسارعان وكأنهما يتشاجران أيهما سيسبق الآخر.

في كل يوم، كما المكرونة، أشعر أن الملح ناقص، فأضعه ولكنه لا يعطيني النكهة المطلوبة. فأضح الفلفل الأسود وأعطس بعنف عدة مرات ثم ألقي بالطبخة بأكملها في كيس بلاستيك وأطوحه أمام الجيران.
ثم أطلب الدليفري وأصاب بالغم عندما أعلم أني أنفقت اليوم أكثر من المفروض، وأتمنى أن أنام لأنسى، وأعاود النظر لإبنتي. 

ترهقني الهمزات دائما. قبل أن أكتب أي كلمة تبدأ بـ ألف، أضع قبلها الفاء وأستهجى كطفل صغير، أين الهمزة الآن؟ فوق أم أسفل؟
وأتأمل جسدي في المرآة، فأجد حبة صغيرة في ثديي الأيمن، أشعر بالفزع، هل هو ورم ما؟ هل هذا هو الوقت المناسب لأجري الفحص الذاتي أم أنتظر عدة أيام ليكون الموعد مناسب؟

كما أجد بقعة جرداء صغيرة بين خطوط شعري الكثيف، وعلى حوافها بعض الشعر الهائش الناشف بشكل شاذ عن باقي الشعرات. هل كبرت لهذا الحد؟ الحد الذي معه أعدد أمراضي أمام المرآة، حتى أني لست في حاجة للبحث عنها أو تخيلها، إنها هنا، ذات حضور قوي،  فحسب.

كلما نظرت لوجهي بدون حجاب، اتذكر نوال السعداوي. لا أحب أن أهتم بشعري كثيرا، لا أحب أن أمشطه، أحبه مهوش مشوش مجنون. أعتقد أن شعري هو أكثر ما يعبر عن ماهيتي الداخلية.. الهوية التي أخفيها عن الأعين، أغلق الأبواب فوقها لا عليها. هوية غجرية حرة لا تقبل المساومة إطلاقا. أحبسها فقط، لأني أخاف منها، وأعرف أني لن أستطيع أن أدفع ضريبتها. لن يكون معي ما يكفي من الأموال!

لماذا إذن أتوق لخلع حجابي؟ لقد نسيت منذ زمن، أو ربما لم أتعلم يوما، أن أهتم بشعري. ولا أريد أيضا الإهتمام بشعر إبنتي ولكنها في كل صباح تطلب مني تمشيطه ووضع التوك. لا يا عالية، كوني غجرية ولن أحبسك، ولكنها تأبى بعنف مستقل تماما عن ملامحها الصغيرة القادمة من السحاب.

بعد إنتهاء موجة "هنلبس فساتين" التي اطلقتها البنات الثائرات، رأيت من شباك التاكسي على الطريق الدائري بالقاهرة، شباك صغير ثبتت سيدته أطراف فستانها البنفسجي القصير المحكم الأكمام على إطاره، لتمنع الهواء من التدفق للداخل. كان الجو باردا في تلك الأيام، ويبدو إنها لا تملك شيئا آخر تحمي به أسرتها من السقيع سوى هذا الفستان البديع. تساءلت هل كانت ترتديه فيما مضى ولكنها سمنت كثيرا فلم يعد يدخل بجسدها؟ هل توفى زوجها وأصبحت لا تهجر السواد؟ هل ماتت صاحبته وإستخدمه زوجها؟ وددت بشدة أن أوقف التاكسي على أي جانب من الطريق.
كنت لأصعد درجات السلم الضيقة لعمارة جديدة ولكنها بالغة الشحوب وكأنها أصيبت بمرض مفاجيء لم يشخصه الأطباء بعد. وأطرق على الباب، ستفتح لي بلا شك فتاة صغيرة وبفمها علكة صغيرة، ضفيرتها وراءها ممتدة لأسفل الظهر، وأطرافها رفيعة غير مشذبة. سأدخل بهدوء وثقة إلى الردهة البالغة الصغر. أخطو فوق سجاد رخيص الثمن، لم تفلح المساحيق والفرشاة الخشنة أن تزيل بقع الزمن من فوقها ومع ذلك بدت نظيفة وأصبحت البقع كشامات الحسن، صغيرة متناثرة بعشوائية إلا إنها ينقصها الإبتسامة.
لن ألقي التحية على الرجل الجالس بملابسه الداخلية أمام التلفزيون وأمامه الجريدة، لن أنظر إليه وهو يتجشأ من شدة دهشته من جرأتي.
سأدلف مباشرة إلى المطبخ الصغير الخانق. وسأطفيء البوتجاز وأزيح طاسة الزيت من فوقه حتى لا يحترق الباذنجان. وأمسك يد المرأة وأنا ابتسم في ود.
سأسحبها برفق دون أن أتكلم للحجرة الثانية البعيدة عن المطبخ، للحجرة التي كانت يوما ما مخدع للحب، تحولت الآن إلى مشاع لبناتها اللاواتي لا يبرحن المنزل أثناء الأجازة الصيفية أبدا لشدة خجلهن من صدورهن الناهدة، او لرفض الأب نزولهن حتى لا يراهن شباب النواصي.
سأدع المرأة للوقوف أمام مرآتها التي صارت سوداء من قلة نظر الأعين لها. وسأخلع الفستان البنفسجي المثبت بالمسامير القصيرة. وأجلب الوردة الحمراء من شنطة يدي وأثبتها على صدره.
ساتركها تخلع ملابسها المكفهرة ألوانها، وتخلع بلوفر زوجها الذي لم يعد يرتديه وأستغلته هي في الشتاء، ثم سأساعدها في إرتداء الفستان البديع. وسأرفع خصلات شعرها لأعلى ببنسها السوداء. وسأضع لها الكحل والروج الأحمر. ولن أدعها ترى إنتفاخ بطنها وتهدل صدرها الواضح تحت ضغط القماش. غالبا ساتمنى لو أني أحمل برا بوش أب في حقيبتي لأساعدها في نفخ ثدييها ورفعهما قليلا.
ثم سأخرج بها للردهة، وسألقي التحية على المتجشأ السمين وسأقبل الفتاة ذات العلكة، ثم سأنزل معها السلالم الضيقة وسنركب التاكسي مرة أخرى ونطلب منه أن يسير نحو السماء.

لماذا لا أستطيع المشي على الحوائط مثل العناكب؟ كنت لأمشي على واجهات البنايات الجميلة والقبيحة، لأتفرج على البلكونات. أنا أحب البلكونات، وأكره السواقة لأنها تحرمني من الفرجة عليها. أحب البلكونات في إمبابة ومن فوق كوبري غمرة. كل بلكونة تحكي حكاية عن القاطنين خلف جدارها. ولذلك لا أحب المدن الجديدة، لأن بلكوناتها باردة، مدهونة للتو بدهانات لامعة نظيفة لا تحمل أي لمسات أنسانية، لا تحمل أيا من أنفاس أصحابها.
أدرك الآن لماذا أريد شراء منزل بدون بلكونات، لأني توقفت منذ زمن عن ترك أنفاسي في مكان ما، ربما توقفت عن التنفس ولكن لم يتم إعلامي بعد.

Egon Schiele: Mother and Child (Madonna), 1908

Friday, January 3, 2014

حيث مكان لا شيء بعده

The namesake

يبدأ فيلم "الإسم المماثل" للمخرجة الهندية ميرا نير بحادثة قطار. كان أشوك جالسا بصحبة رواية للكاتب الروسي جوجول. ثم يتبادل حديث ودي مع رفيق السفر الذي لا يعرفه. وينصحه الأخير أن يسافر ليجوب العالم بنفسه ولا يكتفي بقراءة الكتب فقط، وبعدها ينقلب القطار، لتكون نقطة تحول في حياة أشوك.
يحكي الفيلم عن قراره، بعد نجاته من الحادث، بالهجرة إلى الولايات المتحدة الأمريكية. يتزوج من أشيما ثم يصطحبها لنيويورك ليكونا الجيل الأول المهاجر للأسرة الهندية الصغيرة.
ثم يبدأ الفيلم مباشرة في إلقاء الضوء على مشاكل الأسرة المهاجرة. تركز الكاميرا على نظرة أشيما للثلج الكئيب من شرفتها، وجهلها بالغسالات العامة وخجلها من التعامل مع المحيطيين بها. لا تندمج الأسرة في المجتمع بسهولة، ونجدها تلجأ إلى المجتمع الهندي بالجالية الهندية بنيويورك. وكأنهم يحملوا مكانهم بداخلهم ولم يتمكنوا أبدا من إغفال ذلك.
وتزداد المشكلات وضوحا مع الإبن الذي أطلق عليه أبيه إسم جوجول تيمنا بالكاتب المفضل له.
عانى جوجول من غرابة إسمه الذي كان انعكاس لغربته في المجتمع الأمريكي المختلف تماما عن أسرته، حتى إنه يقوم بتغيير إسمه ولا يعود لذكره أبدا سوى بعد وفاة والده. ولكنه في نفس الوقت لم يشعر بأي ألفة عند زيارته للهند. لم يحب الشوارع ولا الحر الشديد ولم يفهم سر خوف جدته عليه من أن يسير في الشارع بمفرده وتوقف كثيرا أمام الإزدحام الشديد في بلدته، وكل ما أراده هو وأخته أن يعودا لموطنهما بأمريكا.
كان أشوك ممتنا لذلك الحادث الذي فتح أمامه الرغبة في السفر والتعرف على ثقافة مختلفة كما نصحه رفيق سفره حينذاك، ولكننا وعلى طول الفيلم نلمس خواء أشيما وحزنها الهاديء وكيف إنها أخذت الكثير من الوقت حتى اعتادت على العيش في تلك المدينة البعيدة تماما والمختلفة عن ثقافتها. ومحاولات أشوك الدائمة  لمساعدتها وحثها على العيش بسلاسة أكثر.
حاول جوجول الإرتباط بفتاة أمريكية، في غمرة بحثه المستمر عن هوية له. ولكنه يدرك عمق الهوة بينهما عقب وفاة والده المفاجئة. حتى إنه لا يدعوها لحضور طقوس الدفن ويخبرها إنها تقاليد خاصة بالعائلة فقط.
وتأخذه الحياة ليرى فتاة بنغالية هندية عائدة للتو من منحة دراسية بباريس، ويهيم بها ويتزوجا، ولكنها تعاني من آثار التغيرات الثقافية التي خلفتها هجرة أسرتها أيضا. وتدرك إنها لا تريد أن تكون زوجة لرجل هندي منغلق على التقاليد الهندية، وتختار أن تعود لحبيب فرنسي قديم، وتستأنف بحثها عن هوية لها كذلك، كيان لم تجده في الحياة الأمريكية ولا في المجتمع الهندي.


من أجمل مشاهد الفيلم، عندما قام أشوك باصطحاب ابنه جوجول إلى لسان صخري طويل ممتد إلى داخل المحيط. كان يريد تصويره وسط الأمواج التي كانت تضرب نهاية اللسان من كل جانب، ولكنه نسى الكاميرا بالسيارة.
فقال لجوجول:
نسيت الكاميرا، أتينا كل هذه المسافة بدون فائدة... أريدك أن تتذكر هذا للأبد يا جوجول.

أتذكر ماذا؟

أن تذكر دوما إننا أتينا سويا إلى مكان حيث لا شيء بعده... تعدني؟

أعدك يا أبي


الفيلم ماخوذ عن رواية للكاتبة الأمريكية هندية الأصل جومبا لاهيري الحائزة على جائزة البولتزر عام 2000 عن مجموعتها القصصية مترجم الأوجاع. تحمل الرواية نفس عنوان الفيلم، وقد رشحت لجائزة أورانج للآداب في عام 2004. ثم تحولت إلى فيلم في عام 2006.

Thursday, January 2, 2014

بونجور يا هانم

الرابعة صباحا

أشعر بألم في حلقي ينذرني بإقتراب موسم الحساسية الموسمية لصدري. أحاول تجاهله في البداية ولكن تزايده يجعلني أذهب لدولاب خزيني لأبحث عن ما يمكن عمله في مثل تلك الظروف. لا أجد سوى بعض باكيتات الينسون الذي أكرهه ولكن لا بديل له.
أجد الأكياس مخرومة أخرام صغيرة دائرة الشكل بإنتظام، أبحث كالمجنونة عن حشرة ما دلفت إلى الدولاب في خلسة مني وهمت بإلتهام مخزوني ولكني لا أجد شيئا!
أؤكد لنفسي إنه الرطوبة وإن العلبة مركونة منذ وقت طويل وبلا بلا بلا...، وإنها حتى لو حشرة فإني مضطرة إلى شرب الينسون لأُنهي هذا الألم ولو بشكل مؤقت.
أتذكر أن الكاتيل قد حدث به عطب ما وأني ألقيت به في القمامة. فأضع البراد الزجاجي ذو اليد البلاستيكية على النار وذهبت لأبحث عن شيء ما مفقود. وعندما أرتطمت رائحة بلاستيك يحترق بأنفي جريت نحو المطبخ، وأدركت علو النار الزائد وذوبان يد البراد.
أدركت من صميم قلبي إنها كوب ينسون ملعونة، وأن الحساسية لن تتجنبني هذا العام!

الحادية عشر مساءا

تخاف عالية من كل شيء الآن، تخاف من صوت سيارة مارة بالشارع، تخاف من صوت كرسي يتحرك بالطابق الأعلى، تخاف من صوت الماء المتدفق بقوة من صنبور ما.
كنت أعمل ومستغرقة تماما، طلبت مني أن أجلب لها الموز. فاخبرتها إنه في المطبخ ويمكنها أن تذهب لتحضره ببساطة. قالت إنها خائفة ولن تذهب بمفردها. ودار هذا الحوار بيننا:
أنا خايفة 
ليه يا عالية؟ أنتي قوية زي الأسد ومش بتخافي 
هو الأسد مش بيخاف؟
لأ، الأسد قوي عشان بياكل أكله كله
هو الأسد بياكل ايه عشان يبقى قوي؟
الأسد بيخلص طبقه، رز وفراخ وسلطة
بس أنا شفته في التلفزيون بياكل الخروف كله
(صمت)
أيوة، هو عشان سمع كلام مامته، فراحت جابت له لحمة كتير
هي بعصبية شديدة:
لأ، انتي بتضحكي علي، هو جري ورا الخروف وموته وأكله، ما تضحكيش علي تاني

أدركت أني في مأزق، أنا الآن أم كاذبة. تركت عملي لأول مرة منذ أن بدانا هذا الحديث الشيق، ونظرت إليها نظرة متوسلة أن ترحمني من شكوكها نحوي، ثم اعتذرت في هدوء شديد وأخبرتها أن الأسد قوي لذلك يبحث عن طعامه بنفسه وإنها إذا أكلت طعامها مثله، فسأسمح لها بشراء خروف صغير لنلتهمه سويا فيما بعد.
حسن هذا الأجواء قليلا، وقمت أنا إلى المطبخ لأجلب لها أصابع الموز!

الثامنة مساءا

كلما هممت إلى الصلاة، قمت بإستبعاد سورة الماعون. ولكن بمجرد شروعي في الصلاة وانتهائي من الفاتحة أجدني أرتل "أريت الذي يكذب بالدين..." حتى أصل إلى "فويل للمصلين. الذين هم عن صلاتهم ساهون" وأجدني أخفض صوتي عندها، لا أريد أن أسمعها.
أتذكر أني أصلي حاليا العشاء وأني لم أصلها بالأمس ولا أمس الأول. وأحاول جاهدة أن أقرأ باقي السورة سريعا حتى أهرب من وخز الضمير.
ترن في أذني كلمات سنية هانم عندما قال لها داوود باشا  في مسلسل حديث الصباح والمساء "بونجور يا هانم".. فردت عليه:
أنهي بونجور يا باشا.. بونجور بتاعة النهاردة، ولا بتاعة إمبارح.. ولا بتاعة الإسبوع ال فات؟

أنهي عِشاء يا هانم؟ أكاد أسمع الملائكة تتساءل!