الرابعة صباحا
أشعر بألم في حلقي ينذرني بإقتراب موسم الحساسية الموسمية لصدري. أحاول تجاهله في البداية ولكن تزايده يجعلني أذهب لدولاب خزيني لأبحث عن ما يمكن عمله في مثل تلك الظروف. لا أجد سوى بعض باكيتات الينسون الذي أكرهه ولكن لا بديل له.
أجد الأكياس مخرومة أخرام صغيرة دائرة الشكل بإنتظام، أبحث كالمجنونة عن حشرة ما دلفت إلى الدولاب في خلسة مني وهمت بإلتهام مخزوني ولكني لا أجد شيئا!
أؤكد لنفسي إنه الرطوبة وإن العلبة مركونة منذ وقت طويل وبلا بلا بلا...، وإنها حتى لو حشرة فإني مضطرة إلى شرب الينسون لأُنهي هذا الألم ولو بشكل مؤقت.
أتذكر أن الكاتيل قد حدث به عطب ما وأني ألقيت به في القمامة. فأضع البراد الزجاجي ذو اليد البلاستيكية على النار وذهبت لأبحث عن شيء ما مفقود. وعندما أرتطمت رائحة بلاستيك يحترق بأنفي جريت نحو المطبخ، وأدركت علو النار الزائد وذوبان يد البراد.
أدركت من صميم قلبي إنها كوب ينسون ملعونة، وأن الحساسية لن تتجنبني هذا العام!
الحادية عشر مساءا
تخاف عالية من كل شيء الآن، تخاف من صوت سيارة مارة بالشارع، تخاف من صوت كرسي يتحرك بالطابق الأعلى، تخاف من صوت الماء المتدفق بقوة من صنبور ما.
كنت أعمل ومستغرقة تماما، طلبت مني أن أجلب لها الموز. فاخبرتها إنه في المطبخ ويمكنها أن تذهب لتحضره ببساطة. قالت إنها خائفة ولن تذهب بمفردها. ودار هذا الحوار بيننا:
أنا خايفة
ليه يا عالية؟ أنتي قوية زي الأسد ومش بتخافي
هو الأسد مش بيخاف؟
لأ، الأسد قوي عشان بياكل أكله كله
هو الأسد بياكل ايه عشان يبقى قوي؟
الأسد بيخلص طبقه، رز وفراخ وسلطة
بس أنا شفته في التلفزيون بياكل الخروف كله
(صمت)
أيوة، هو عشان سمع كلام مامته، فراحت جابت له لحمة كتير
هي بعصبية شديدة:
لأ، انتي بتضحكي علي، هو جري ورا الخروف وموته وأكله، ما تضحكيش علي تاني
أدركت أني في مأزق، أنا الآن أم كاذبة. تركت عملي لأول مرة منذ أن بدانا هذا الحديث الشيق، ونظرت إليها نظرة متوسلة أن ترحمني من شكوكها نحوي، ثم اعتذرت في هدوء شديد وأخبرتها أن الأسد قوي لذلك يبحث عن طعامه بنفسه وإنها إذا أكلت طعامها مثله، فسأسمح لها بشراء خروف صغير لنلتهمه سويا فيما بعد.
حسن هذا الأجواء قليلا، وقمت أنا إلى المطبخ لأجلب لها أصابع الموز!
الثامنة مساءا
كلما هممت إلى الصلاة، قمت بإستبعاد سورة الماعون. ولكن بمجرد شروعي في الصلاة وانتهائي من الفاتحة أجدني أرتل "أريت الذي يكذب بالدين..." حتى أصل إلى "فويل للمصلين. الذين هم عن صلاتهم ساهون" وأجدني أخفض صوتي عندها، لا أريد أن أسمعها.
أتذكر أني أصلي حاليا العشاء وأني لم أصلها بالأمس ولا أمس الأول. وأحاول جاهدة أن أقرأ باقي السورة سريعا حتى أهرب من وخز الضمير.
ترن في أذني كلمات سنية هانم عندما قال لها داوود باشا في مسلسل حديث الصباح والمساء "بونجور يا هانم".. فردت عليه:
أنهي بونجور يا باشا.. بونجور بتاعة النهاردة، ولا بتاعة إمبارح.. ولا بتاعة الإسبوع ال فات؟
أنهي عِشاء يا هانم؟ أكاد أسمع الملائكة تتساءل!
No comments:
Post a Comment