.

.

Friday, January 3, 2014

حيث مكان لا شيء بعده

The namesake

يبدأ فيلم "الإسم المماثل" للمخرجة الهندية ميرا نير بحادثة قطار. كان أشوك جالسا بصحبة رواية للكاتب الروسي جوجول. ثم يتبادل حديث ودي مع رفيق السفر الذي لا يعرفه. وينصحه الأخير أن يسافر ليجوب العالم بنفسه ولا يكتفي بقراءة الكتب فقط، وبعدها ينقلب القطار، لتكون نقطة تحول في حياة أشوك.
يحكي الفيلم عن قراره، بعد نجاته من الحادث، بالهجرة إلى الولايات المتحدة الأمريكية. يتزوج من أشيما ثم يصطحبها لنيويورك ليكونا الجيل الأول المهاجر للأسرة الهندية الصغيرة.
ثم يبدأ الفيلم مباشرة في إلقاء الضوء على مشاكل الأسرة المهاجرة. تركز الكاميرا على نظرة أشيما للثلج الكئيب من شرفتها، وجهلها بالغسالات العامة وخجلها من التعامل مع المحيطيين بها. لا تندمج الأسرة في المجتمع بسهولة، ونجدها تلجأ إلى المجتمع الهندي بالجالية الهندية بنيويورك. وكأنهم يحملوا مكانهم بداخلهم ولم يتمكنوا أبدا من إغفال ذلك.
وتزداد المشكلات وضوحا مع الإبن الذي أطلق عليه أبيه إسم جوجول تيمنا بالكاتب المفضل له.
عانى جوجول من غرابة إسمه الذي كان انعكاس لغربته في المجتمع الأمريكي المختلف تماما عن أسرته، حتى إنه يقوم بتغيير إسمه ولا يعود لذكره أبدا سوى بعد وفاة والده. ولكنه في نفس الوقت لم يشعر بأي ألفة عند زيارته للهند. لم يحب الشوارع ولا الحر الشديد ولم يفهم سر خوف جدته عليه من أن يسير في الشارع بمفرده وتوقف كثيرا أمام الإزدحام الشديد في بلدته، وكل ما أراده هو وأخته أن يعودا لموطنهما بأمريكا.
كان أشوك ممتنا لذلك الحادث الذي فتح أمامه الرغبة في السفر والتعرف على ثقافة مختلفة كما نصحه رفيق سفره حينذاك، ولكننا وعلى طول الفيلم نلمس خواء أشيما وحزنها الهاديء وكيف إنها أخذت الكثير من الوقت حتى اعتادت على العيش في تلك المدينة البعيدة تماما والمختلفة عن ثقافتها. ومحاولات أشوك الدائمة  لمساعدتها وحثها على العيش بسلاسة أكثر.
حاول جوجول الإرتباط بفتاة أمريكية، في غمرة بحثه المستمر عن هوية له. ولكنه يدرك عمق الهوة بينهما عقب وفاة والده المفاجئة. حتى إنه لا يدعوها لحضور طقوس الدفن ويخبرها إنها تقاليد خاصة بالعائلة فقط.
وتأخذه الحياة ليرى فتاة بنغالية هندية عائدة للتو من منحة دراسية بباريس، ويهيم بها ويتزوجا، ولكنها تعاني من آثار التغيرات الثقافية التي خلفتها هجرة أسرتها أيضا. وتدرك إنها لا تريد أن تكون زوجة لرجل هندي منغلق على التقاليد الهندية، وتختار أن تعود لحبيب فرنسي قديم، وتستأنف بحثها عن هوية لها كذلك، كيان لم تجده في الحياة الأمريكية ولا في المجتمع الهندي.


من أجمل مشاهد الفيلم، عندما قام أشوك باصطحاب ابنه جوجول إلى لسان صخري طويل ممتد إلى داخل المحيط. كان يريد تصويره وسط الأمواج التي كانت تضرب نهاية اللسان من كل جانب، ولكنه نسى الكاميرا بالسيارة.
فقال لجوجول:
نسيت الكاميرا، أتينا كل هذه المسافة بدون فائدة... أريدك أن تتذكر هذا للأبد يا جوجول.

أتذكر ماذا؟

أن تذكر دوما إننا أتينا سويا إلى مكان حيث لا شيء بعده... تعدني؟

أعدك يا أبي


الفيلم ماخوذ عن رواية للكاتبة الأمريكية هندية الأصل جومبا لاهيري الحائزة على جائزة البولتزر عام 2000 عن مجموعتها القصصية مترجم الأوجاع. تحمل الرواية نفس عنوان الفيلم، وقد رشحت لجائزة أورانج للآداب في عام 2004. ثم تحولت إلى فيلم في عام 2006.

No comments:

Post a Comment