عن الحزن..
أحكم إغلاق النوافذ حتى لا تتسرب رائحة الحزن من المكان. كل هذا الأسى لا يحتاج سوى الكثير من الشعر، فأنهض من عزلتي لأبحث عن القصائد التافهة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
أحكم إغلاق النوافذ حتى لا تتسرب رائحة الحزن من المكان. كل هذا الأسى لا يحتاج سوى الكثير من الشعر، فأنهض من عزلتي لأبحث عن القصائد التافهة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
عزيزتي عالية، رحل بوتشي منذ عدة أيام عن الحياة. كنتِ بجواره طوال الوقت، تتسائلين عما به وماذا أصابه. إنك الآن في الرابعة إلى قليلا ومازالت فكرة الموت مبهمة في عقلك. راقبناه سويا وهو يحتضر في لحظاته الأخيرة. كنتِ تبكي لبكائي، وتحتضنينني في حنان أمومي فطري.
لم أقصد إيذائك أبدا بجعلك تمرين بكل هذا، ولكنه كان أمر خارج تماما عن إرادتي. كان بوتشي قطي الذي أحببته كثيرا واستضفته في منزلنا في أيامه الأخيرة. كنتِ تحبينه أنتِ أيضا، وطالما سألتِ أين ذهب ولماذا لم يعد معنا.
ذهبنا سويا مع خالتك لنقوم بدفنه في حديقة مجاورة، لم تفهمي وقتها يا حبيبتي ماذا يحدث. كانت التجربة الأولى لكِ بالطبع مع مثل ،تلك الأمور. وكنتِ في دهشة من أمرنا، وسألتي لماذا سنتركه في الحديقة؟ فأخبرتك إنه قد مات ولن يعود ثانية، ولكنك أعدتي السؤال بذكاء: "طيب مادام مات يبقى ليه نسيبه هنا؟". كانت أسئلة صعبة، ولكني حاولت أن أجعله مبسطا، فشرحت لكِ إنه قد ذهب إلى حديقة أكبر عند ربنا ولن يعود مرة أخرى أبدا.
أكثر ما أخافني وقتها هو تحدثك كثيرا عن رغبتك في الذهاب إلى نفس تلك الحديقة لتلعبين معه. كانت أيام قاسية علينا جميعا، مرت كشهور. ولكنك ستنسي، كما سنحاول أن ننسى جميعا ونواصل الحياة.
مر كثيرا دون أن أدون لكِ، أعتذر عن ذلك. فقد كانت الفترة الأخيرة من حياتي سيئة. ولكنك تكبرين بخفة، وبعناد، ويبدو إننا سنواصل صراعتنا سويا لكثير من الوقت :)
إليك بعض من السحر الذي تركه بوتشي خلفه، والذي نشرته على الفيس بوك:
أنا باعتقد في ما ورائيات الطبيعة وباصدق الحاجات الخارقة، أنا بنفسي اختبرت حاجات غريبة قبل كده. لما بوتشي مات، خرج منه سائل ريحته حلوة أوي، لدرجة إني قفلت الشقة عشان الريحة تفضل أطول وقت ممكن. كنت باتكلم مع صديق دكتور بيطري امبارح عن السائل ده.. وهو استغرب؛ بس قالي أكيد بوتشي حب يشكرك على كل الحب ده وعلى تعبكوا معاه. أنا حبيت تفسيره أوي للرائحة دي وصدقته.
النهاردة سبت النسكافيه بتاعي وقررت إني مش هاشربه.. بعدها لقيت صورة بوتشي على الوش.. العين الوارمة والعين الطبيعية وهو بيبصلي وبيضحك.
أنا مصدقة إنه بيشكرنا وبيبعت لنا رسايل حب.. هو كان صديق حقيقي في وقت أنا كنت فيه فعلا بدون أصدقاء.. كان موجود دايما في اﻷوقات الحرجة وعمره ما خذلني.
No comments:
Post a Comment